البهائيون في البحرين

التعايش طريق المستقبل
دور الإعلام في تعزيز ثقافة التسامح والتعايش
إن المجتمعات تتطور بتكاتف وتعاون الجميع، وبناء الأوطان يتطلب مساهمة كافة عناصرها البشرية المتنوعة. ان المجتمع الإنساني أشبه ما يكون بحديقة من الزهور والنباتات البديعة، كلما زاد تنوع الوانها وانواعها وعطرها، زادت الحديقة جمالا وروعة، وفي المقابل اذا اقتصرت الحديقة كلها على نوع واحد ولون واحد فقدت تلك الروعة. إن تنوع الأجناس والثقافات والتقاليد في عالم الإنسانية يزيده رونقاً وجمالاً، ويجب أن يكون هذا مدعاة للتقدير ومبعثاً للاحترام لا مصدراً للتنافر والتناحر.لنا أن نتأمل في خلق جسم الانسان، كيف خُلق من أعضاء وخلايا وانسجة مختلفة ومتنوعة، وعلى رغم اختلاف وتنوع أشكالها ووظائفها إلا أنها جميعا تعمل معا بمنتهى التعاون والاتحاد، بل ان سر حياة الجسم يكمن في تنوع خلاياه واعضائه فلو تشابهت الأعضاء والخلايا في اشكالها ووظائفها لتوقفت الوظائف الحيوية. إن ترابط واتحاد أعضاء وخلايا الجسد المتنوعة هو السبب الرئيسي لنموه وصحته. وبإمكاننا ان نرى ذلك في تنوع النوتات الموسيقية وكيف ان انسجامها وتناغمها ينتج عنه اجمل الالحان. وكذلك هو حال الأوطان بل والعالم أجمع، فكلما زاد المجتمع تنوعاً، زاد ثراؤه وازدهاره. بإمكان وسائل الإعلام المختلفة تعزيزهذا المبدأ الذي يساهم في زيادة قوة اتحاد وتماسك المجتمع لكي يتعاون الجميع من اجل هدف سامي واحد وهو المساهمة في بناء وازدهار الوطن.
جميع البشر خلقوا من تراب واحد وهم أشرف المخلوقات
إن الله عز وجل بفضله ومحبته اللامتناهية خلق البشر جميعاً من تراب واحد، وفضل الإنسان على كافة المخلوقات، وشرّفه بالعقل والحكمة والادراك والروح. عندما يعي الانسان ان الله تعالى خلق الناس جميعا باختلاف الوانهم واعراقهم ومعتقداتهم واصولهم بأحسن تقويم وجعل الانسان أشرف المخلوقات، يصبح لديه سببا واضحا لتقبل الجميع، ويدرك تدريجيا بأن التعصبات تخالف هذه الحقيقة وتتناقض مع طبيعة خلق الله للبشر، فالوعي بهذا المفهوم يحفز الإنسان على تجنّب ما لا يليق بهذا العلو والنبل الذي يعد متأصلاً في طبيعته. إن التعمق اكثر في مفهوم خلق الانسان في احسن تقويم وجعله أشرف الكائنات، يساعدنا في إستكشاف الفضائل الكامنة في كل إنسان كالصدق، والأمانة، والتسامُحُ، والرحمةُ، والرأفةُ، والألفةُ مع البشر أجمعين وغيرها الكثير. ورغم أن مفهوم "جميع البشر خلقوا من تراب واحد" بسيط وبديهي إلا انه عميق في معانيه، ويعد من أهم اسس التسامح والتعايش التي يمكن تعزيزها في وسائل الإعلام المختلفة. إن المساهمة في تعزيز هذه المفاهيم ليس فقط مؤشرا هاما على الرقي الانساني والثقافي للمجتمع، بل سيزيل بشكل طبيعي أي عثرات او عقبات في مسيرة تعزيز ثقافة التسامح والتعايش.
إنّ ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش التي تعزز تماسك النسيج الاجتماعي بمختلف شرائحه ومكوناته المتنوعة موضوع جدير بالاهتمام والسعي على ترسيخه جيلاً بعد جيل يعد من الاهداف السامية، فالإعلام بإمكانه ان يدفع قدما ثقافة التسامح والتعايش ويعزز بيئة تزيد من الاتحاد والتعاون بين ابناء الوطن الواحد، او يكون سبباً في اعاقة هذا التقدم الذي يعد جانباً مهماً لتحقيق الازدهار لأي مجتمع. إن ثقافة التسامح والتعايش تعد من القيم الدينية والأخلاقية، وقد عزز جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه مفهوم التعايش، عندما قام بعدة مبادرات على غِرار «كرسي الملك حمد للحوار بين الاديان في جامعة سابينزا الايطالية» والإعلان الرسمي عن تدشين «مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي» فجلالته قام بلفت انتباه العالم لهذا الموضوع وتعزيز ثقافة التسامح والتعايش بين الملل والأديان المختلفة. ومن أقوال جلالته حفظه الله ورعاه: "أبناء البحرين كانوا دائماً وسيبقون بعون الله تعالى مثالاً للأسرة الواحدة المتكافلة والمتضامنة، وستبقى مملكة البحرين...وطناً للتعايش والتسامح يمد جسور التواصل مع كافة الحضارات والثقافات".
ان وسائل الإعلام ومنذ عقودٍ مضت هي من سمات بيئتنا الاجتماعية السائدة في مملكتنا العزيزة، حيث أصبح التلفزيون والإذاعة والسينما والصحف والمجلات من الامور الاساسية في أغلب المنازل، وشكلت شبكة الانترنت ووسائل التواصل الإجتماعي طفرة غير مسبوقة في تأثير الإعلام على شريحة اكبر في مجتمعنا، حيث اصبح حمل النصوص والصور والصوت والفيديو ومشاركتها مع اعداد هائلة امر في متناول يد الجميع. جميعنا نتأثر بالبيئة (المجتمع) من حولنا ونساهم في التأثير عليها ووسائل الإعلام بشتى انواعها هي احدى القوى التي تشكل ثقافة المجتمعات في كثير من البلدان حول العالم. وفي هذا السياق من المفيد ان ننظر الى وسائل الإعلام اكثر من مجرد تكنولوجيا للتواصل ونقل المعلومات او اداة للترفيه عن النفس بل بعداً مهماً من بيئتنا، وكما ان الغلاف الجوي والغلاف الارضي يشكلان ابعاداً مهمه من بيئتنا الطبيعية، فإن "الغلاف الإعلامي" يشكل بعداً هاماً من بيئتنا الاجتماعية.
ثقافة التسامح والتعايش أساس التطور والازدهار
إن من أهم متطلبات التطور والازدهار هو إيجاد حالة من التسامح والتعايش والاتحاد في المجتمع، مع الحفاظ على تنوعه وتباين ألوان الطيف الفكري والثقافي والاجتماعي. إِنَّ مبدأ "الوحدة في التنوع" يعد بعداً هاماً من ثقافة التسامح والتعايش. فالوحدة هنا لا تعني التماثل، والتنوع لا يعني عدم القدرة على الاتحاد.