يتفضل حضرة بهاء الله
" قل أن اتحدوا في كلمتكم واتفقوا في رأيكم واجعلوا اشراقكم أفضل من عشيكم وغدكم أفضل من أمسكم. فضل الإنسان في الخدمة والكمال لا في الزينة والثروة والمال. اجعلوا أقوالكم مقدسة عن الزيغ والهوى وأعمالكم منزهة عن الريب والرياء. قل لا تصرفوا نقود أعماركم النفيسة في المشتهيات النفسية ولا تقتصروا الأمور على منافعكم الشخصية... اجتنبوا التكاهل والتكاسل وتمسكوا بما ينتفع به العالم من الصغير والكبير والشيوخ والأرامل. قل إياكم أن تزرعوا زؤان الخصومة بن البرية وشوك الشكوك في القلوب الصافية المنيرة."
إن الله سبحانه وتعالى خلقنا جميعاً من جوهر واحد وعلى أرض واحدة وخصّ عبادتنا له وحده، وعن طريق أنبيائه ورسله بين لنا منهاج الحياة. وأمرنا سبحانه وتعالى بالاتحاد والاتفاق أولاً ثم خدمة بني البشر، وجعل هذا الطريق طريق السعادة الحقيقية للعباد وطريق جلب بركات وتأييد رب العباد.
إن الخدمة لا تنحصر في طريقة خاصة أو نهج محدد ولا تقتصر على جماعة أو فئة بعينها، وهي لا تحدد بالزمان والمكان. فالخدمة طريق البذل والعطاء والسير في هذا الطريق يساعدنا على كسب قدرات ومهارات جديدة إذا ما اتسم سلوكنا بالتواضع والإخلاص. إنها أسلوب حياة حري بكل فرد أن يتبعه إذا ما أراد أن يكون إنسانا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان سامية وأبعاد معنوية؛ فالمجتمع الإنساني أشبه بجسم الإنسان فكما أن لكل خلية وعصب وعضو في جسم الإنسان دورا يؤديه بحيث إذا عمل الجميع معا في تناغم وانسجام تمتع الجسم بالصحة والعافية؛ فإن سر نجاح العالم الإنساني وتقدمه في كافة مناحي الحياة المادية منها والمعنوية منوط بعمل جميع أعضائه، وهم أبناء البشر كافة، في توافق وتآلف وانسجام. إن رقي العالم الإنساني وتنمية المجتمعات البشرية تكمن في فهم طبيعة الإنسان المعنوية ودرك حقيقته الروحانية مما يستوجب تحديد أهداف أشرف وأسمى تتخطى الإطار المادي المحدود لتطلق تلك القدرات اللامحدودة الكامنة في جوهر الإنسان وحقيقته وتصقلها.
وهنا يأتي دور الأفراد للسير نحو الكمال الإنساني كل على قدر عزمه وسعة قدرته؛ فيعمل بفاعلية في تنمية المجتمع الذي يقيم فيه؛ يساهم في زيادة التقارب المجتمعي، يعزز الانسجام بين الجيران، يشارك في مشاريع البيئة المحلية، يعمل على تحسين مرافق العيش المحلية، يساهم في تقدم برامج التربية والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. فما أجمل أن تكون الخدمة جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، وما أعظم أن نسير معاً على طريق الخدمة، نشارك الآخرين، وندعوهم للعمل معاً.